Thursday, January 8, 2009

مشعوذ قناة «الحقيقة» يتسبب في حالة استنفار قصوى بمدينة أكادير !

جريدة الأحداث المغربية
أكادير: «الأحداث المغربية» عاشت مدينة أكادير طيلة يوم الأربعاء الماضي حالة استنفار قصوى جندت خلالها كل المصالح الأمنية والسلطات المحلية رجالها وأعوانها لتتبع الوضعية بعد أن حج إلى المدينة مئات المواطنين قادمين من مختلف المدن المغربية وبعض الدول الافريقية حيث قضى بعضهم ليلته في العراء في انتظار أن تحل عليهم بركة محمد الهاشمي صاحب قناة الحقيقة المتخصص في التداوي بالأعشاب الذي حل بالمدينة بدعوة من الشبكة المغربية للإعلام البيئي والتنمية المستدامة لتنشيط ندوة حول موضوع «أهمية الأعشاب الطبيعية وعلاقتها بالبيئة والصحة». فمنذ الساعات الأولى ليوم الأربعاء بدأت وفود المواطنين تتقاطر على مطار المسيرة الخضراء في انتظار قدوم الضيف مما اضطر معه رجال الدرك إلى تفريق المتجمهرين الذين سدوا منافذ مدخل المطار، لتنتقل الحشود بعدها صوب مقر غرفة التجارة والصناعة والخدمات بأكادير مكان انعقاد الندوة حيث ضاق المكان بمئات المواطنين الذين تقاطروا على المقر أملا في علاج أمراضهم المزمنة، مصحوبين بتقارير طبية تشخص الأمراض التي يعانون منها . جماهير غفيرة سدت الأفق من كثرتها، رجالا ونساء من مختلف الأعمار، منهم المصاب بالسرطان وبمرض السكري ومختلف الأمراض المزمنة، بل حتى المقعدون والمكفوفون حملوا إعاقاتهم ووجهوا بوصلتهم في اتجاه مواقع وجود هذه الشخصية أملا في الظفر بملاقاتها لتحديد الوصفة السحرية من الأعشاب الكفيلة بمعالجة ما عجز الطب الحديث بكل مبتكراته عن إيجاد حلول علاجية له . وقد اضطر المنظمون إلى تهريب صاحب قناة الحقيقة من الفندق المصنف الذي حجز لإقامته بسبب حشود المواطنين التي سدت بكثرتها الأفق، واضطرت السلطات المعنية لإلغاء بعض الزيارات الميدانية التي كان سيقوم بها «محمد الهاشمي» لبعض المواقع العلاجية بالمدينة كمستشفى الحسن الثاني ومركز علاج السرطان مخافة انفلاتات غير مضمونة النتائج بالرغم من اللقاء الذي عقد بمقر الباشوية بحضور مختلف المصالح المعنية والمنظمين لترتيب الزيارة المرتقبة . وتحولت الساحة المتواجدة أمام مقر غرفة التجارة والصناعة إلى ميدان تجمع به مئات المواطنين يجمعهم هدف واحد، وإن اختلفت المعاناة، وهو الظفر بلقاء هذا الدكتور المختص في التداوي بالأعشاب أو ما يسمى بـ «الطب البديل» . عشرات النساء افترشن الأرض حاملين أطفالهم الصغار المصابين بأمراض مختلفة، وبجانبهم رجال مسنون بلغوا من الكبر عتيا ولزمت أجسادهم أمراض تؤدن بخاتمة المآل وكذا بعض المقعدين الذين اضطرتهم الإعاقة إلى ملازمة كراسيهم المتحركة، الكل اجتمع بهذا الفضاء أملا في الظفر بوصفة «سحرية» تنهي كوابيسهم الصحية. بدا رجال السلطة المحلية والمصالح الأمنية عاجزين عن التحكم في هذا الطوفان البشري، بالرغم من كل الاستعدادات التحضيرية التي سبقت حلول الضيف ومنع المواطنين من اكتساح فضاء القاعة التي لا تتسع سوى لحوالي 300 مدعو ما فرض أحيانا استعمال وسائل غير حضارية للتحكم في هذا الكم الهائل من الأجساد البشرية . أما بالنسبة لعلية القوم أو "الناس اللي فوق" فقد دفعهم وضعهم الاجتماعي إلى الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في محاولة للوصول للضيف، حيث تحركت الهواتف في كل اتجاه في محاولة للظفر بلقاء «سري» بعيدا عن الأنظـار المتـطفلة، في حين توسل بعضهم الاخر بشخصيات مسؤولة بالمدينة لـترتيـب لقـاء له مع هذا الضـيف الـقادم من بلاد الكنانة. وقد بدا للحظات أمام هذا الطوفان البشري الكاسح أن المغرب مثقل بمرضاه الذين فقدوا الثقة في الطب الحديث وبدؤوا يتلمسون خيوط الامل من وصفات سحرية قادمة من زمن الأجداد حيث السيادة الطبية للأعشاب ومنتوجات الطبيعة .

No comments: